سدفه

موقع أيام نيوز

وهي تتأكد من عددهم ترددت أن تطلب الرقم الذي لا تعرف صاحبه أو صاحبته فهي تفعل هذا كل فترة وكأنها تعاند والدها وتحكماته وخوفه الغير مبرر! وقبل أن تضغط زر الإتصال فتح أخوها الصغير _الذي يستلقي على الفراش المقابل لها_ عينه...
إنه نادر طفل بالسابع من عمره أصم وأبكم ملامحه تشبه ملامحها فهو مسؤليتها منذ أن كان رضيعا فعلت الكثير لأجله وأخر شيء أنها تعلمت لغة الإشارة ثم علمته إياها ليستطيع الجميع التواصل معه...
ابتسم لها فاتسعت ابتسامتها ودنت منه تقبله بين عينيه بحنان وتحثه أن ينام فمازال الوقت باكرا والجو بارد سألها بالإشارة ماذا تفعلين!
أجابته بالإشارة
أذاكر 
أومأ بتفهم وعاد يغلق عينيه وهي تربت على جسده بحنو حتى نام مجددا.
ابتسمت وهي تتأمله للحظات ثم وقفت لتطفئ ضوء الغرفة...
نظرت للرقم على شاشة الهاتف وأطلقت تنهيدة حارة وهي تفكر في مصيره! هل تطلبه أم تخلد للنوم!
بقلم آيه شاكر
استغفروا
دلف للبيت وصك الباب خلفه في هدوء وهو يردد أذكار الصباح إنه كهل يعلو الشيب رأسه شعر أبيض ولحية قصيرة بيضاء بدا وكأنه في نهاية عقده السادس يمتك وجه قمحي مستدير يتجلى الصلاح على قسماته قامته متوسطة وجسده ممتلئ.
نظر الأب لأرجاء البيت الذي عمه الهدوء وكانت إضائته خاڤتة للغاية بيت واسع يحوي ثلاث غرف بالطابق الأرضي ومطبخ واسع وردهة مكتنزة يقع بمنتصفها درجات سلم يؤدي لردهة واسعة تضم ثلاثة غرف أخريات وكل غرفة تضم مرحاض خاص بها...
حين رأى الضوء ينبعث من غرفة ابنه الأكبر اتجه صوبها وطرق بابها عدة مرات حتى سمع صوت ابنه
اتفضل ادخل يا بابا
فتح الباب وطالعه الشاب الذي يرتدي معطفه الأزرق البيتي بابتسامة قائلا
اتفضل يا بابا صباح الفل يا حبيبي
صباح النور يا رائد...
جلس الكهل على المقعد وأردف
إيه هتنام ولا هتعمل ايه!
سحب رائد مقعد ووضعه قبالة والده دياب وقال متنهدا
شويه كده وهنام أصل أنا شغلي هيبدأ بكره الظهر فعايز أنام لحد الظهر
ارتفع رنين هاتف رائد فطالع شاشته وألقاه جانبا في حين سأله والده
مين اللي بيرن عليك في الوقت ده!
أنا عارف حد بيعاكسني ولا إيه!!
  فكرتني بالذي مضى
مصمص شفتيه واستطرد
أبوك ده كان دنجوان كنت كل يوم بالليل لما جدك وجدتك يناموا أخد التلفون الأرضي وأقعد أطلب أرقام معرفهاش مره ترد عليا ست عجوزه ومره راجل يهزقني ويا سلام لما كانت ترد عليا بنت صوتها ناعم كانت تبقى السهره صباحي
مال رائد بجزعه قليلا نحو والده وهو يهز عنقه يمنة ويسرة بخفة قائلا بابتسامة
اه من دنجوان الثمانينات اه... يابا استر على نفسك يابا
قالها رائد وقهقه بصخب وشاركه والده الذي سعل من كثرة الضحك وسرعان ما كبح ضحكاته واضعا سبابته أمام شفتيه أن صه كي لا يستيقظ باقي أفراد البيت هب دياب واقفا وهو يقول بجدية
يلا أنا هدخل أتدفي شويه تحت البطانية على ما الشمس تشرق عشان أروح أفتح المحل
وقف رائد وأشار بيديه وكأنه يقدم والده بحركة مسرحية وقال وهو يمكن كلماته
اتفضل يا دنجوان
أطرق والده رأسه وهي يتنحنح بق..وة ويخرج من الغرفة مبتسما...
ضحك رائد وهو يفكر بكلام والده ثم استغفر ربه ورفع كلتا يديه لأعلى في وضع الدعاء مرددا بهمس وبمرح
اللهم لا تؤاخذني بما فعل أبي
رائد شاب في عقده الثالث بشوش الوجه مألوف الملامح بشرته خمرية صافية يتخللها بعض الحمرة التي
تم نسخ الرابط